قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم 52 ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد 53 وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم 54 ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم 55}
  تمنى، وقيل: إذا تمنى الوحي ليرشدهم ألقى الشيطان في قلوب الكفرة أنه سحر وباطل، فيذهب اللَّه تلك الشبهة، ويحكم اللَّه الآيات الدالة على نبوته، عن جعفر بن حرب |، قال: لأنَّهُ لم يقل في قراءته مَنْ، وفي قَلْبِ مَنْ، وقيل: تمنى إسلام قومه، فعرف أن ذلك يتعلق باختيارهم لا بأمانيه «فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ» لم يرد به النسخ الشرعي، وإنما أراد فيذهب اللَّه ذلك. ويزيله على معنى النسخ في اللغة «ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ» قيل: تبقى آيات اللَّه وكلامه وما أمر به محكمة لا سهو فيه ولا غلط، وقيل: الآيات: القرآن، فيحكمه - بأن ينبهه عن السهو حتى يرجع إلى الصواب «وَاللَّهُ عَلِيمٌ» بكل شيء «حَكِيمٌ» فيما يفعل من إحكام آياته {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً} قيل: ليجعل ذلك تشديداً في التعبد وامتحاناً؛ لأنه يجب عليهم النظر، فيعلموا أن جواز السهو عليه لا يطعن في نبوته، وأن ما لا يجوز عليه ينفر عنه، فسمى الامتحان وشدة التعبد فتنة، عن أبي علي. وقيل: الفتنة العذاب، أي: لما ألقى الشيطان فيما يريده المكلف، وأما المؤمن فيتبع آيات اللَّه، وأما الكافر والمنافق فيتبع ما يلقي الشيطان فكان ذلك عذاباً عليه، عن أبي مسلم. «لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» قيل: شك وكفر ونفاق «وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ» يعني الكفار الَّذِينَ قست قلوبهم «وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ» قيل: في معاداة