التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون 1 الذين هم في صلاتهم خاشعون 2 والذين هم عن اللغو معرضون 3 والذين هم للزكاة فاعلون 4 والذين هم لفروجهم حافظون 5 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 6 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 7 والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون 8 والذين هم على صلواتهم يحافظون 9 أولئك هم الوارثون 10 الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون 11}

صفحة 5022 - الجزء 7

  اليمين «فَإِنَّهم غَيْرُ مَلُومِينَ» أي: لا يلام على وَطْءَ الزوجة وملك اليمين.

  ومتى قيل: أليس يحرم وطْؤُها في مواضع، فكيف أطلق رفع اللوم؟

  قلنا: فيه وجهان:

  أولهما: أنه أباح بشرط ما يبيحه الشرع، فحذف لأنه معلوم، فلا يحل وطء الحائض والنفساء، والمحرمة، والصائمة، ولا يحل وطء الأمَةِ المزوجة والمشركة والمجوسية، وكذلك إذا ظاهَر من امرأته حتى يُكَفِّر، إلا أن هذه معانٍ عارضة، والأصل في التحليل حاصل.

  الثاني: لا يلامون من جهة أنه وطء زوجة أو ملك يمين، وإن كان يلام من وجه آخر.

  «فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ» أي: طلب سوى زوجته ومِلْكِ يمينه «فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ» قيل: يعدون الحلال إلى الحرام، وقيل: الخارجون عن حدود اللَّه «وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ» يعني ما ائتمنوا عليه، وهو على وجهين: أمانات اللَّه من العبادات، وأمانات العباد كالودائع والعواري، والشركة والمضاربة والبياعات والشهادات وغيرها من العقود «وَعَهْدِهِمْ» عقودهم وعهودهم على ثلاثة أوجه: أوامر اللَّه، ونذور الإنسان، [والعقود التي] بين الناس «رَاعُونَ» أي: حافظون وافون، «وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ» يداومون فلا يضيعونها، ويراعون أوقاتها.