التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون 1 الذين هم في صلاتهم خاشعون 2 والذين هم عن اللغو معرضون 3 والذين هم للزكاة فاعلون 4 والذين هم لفروجهم حافظون 5 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 6 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 7 والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون 8 والذين هم على صلواتهم يحافظون 9 أولئك هم الوارثون 10 الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون 11}

صفحة 5023 - الجزء 7

  ومتى قيل: لم أعاد ذكر الصلاة؟

  قلنا: لأنه أمر بالمحافظة عليها كما أمر بالخشوع، ولأنه نبه على عظيم حالها، وقيل: المراد بالأول جميع الصلوات لوجوب الخشوع في الجميع، وبالثاني المكتوبة؛ لأن محافظة الأوقات فيها، عن أبي مسلم.

  «أُوْلَئِكَ» يعني مَنْ كان بهذه الصفة «هُمُ الْوَارِثُونَ» يوم القيامة منازل أهل النار من الجنة. روي مرفوعاً، وقيل: لكل أحد منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فأما المؤمن فيدخل منزله في الجنة، ويهدم منزله في النار، وأما الكافر فيهدم منزله في الجنة، [ويدخل منزله] في النار، عن مجاهد، وقيل: معنى {الْوَارِثُونَ} الجنة ونعيمها يؤول إليهم كما يؤول الحال إلى الوارث، «الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ» قيل: اسم من أسماء الجنة، عن الحسن، وأبي مسلم، ولذلك أنَّثَ وقال «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» وقيل: هو اسم لرياض الجنة، عن أبي علي، وقيل: حدائق الجنة، عن مجاهد، وقيل: إنه اسم لجنة مخصوصة، وقيل: أصله البستان الذي فيه كَرْمٌ، واختلفوا فقيل: إنه رومي، وقيل: حبشي، وقيل: عربي وزنه فِعْلَوْل، وهو الصحيح لقوله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}⁣[الشعراء: ١٩٥] وما روي أنه رومي يحتمل موافقة اللغتين، أو كانت لغة لهم فأخذته العرب، فعربته فصار عربياً.