التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون 1 الذين هم في صلاتهم خاشعون 2 والذين هم عن اللغو معرضون 3 والذين هم للزكاة فاعلون 4 والذين هم لفروجهم حافظون 5 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 6 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 7 والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون 8 والذين هم على صلواتهم يحافظون 9 أولئك هم الوارثون 10 الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون 11}

صفحة 5025 - الجزء 7

  وتدل على أن الزكاة عبادة شرعية.

  وتدل على تحريم الوطء إلا بوجهين: ملك يمين، أو عقد نكاح.

  وتدل على تحريم المتعة؛ إذ لا شبهة أنه ليس بملك يمين، وليس بعقد نكاح؛ لأنه ليس بزوج ولا هي بزوجة، ولذلك لا ترث، وبهذه استدلت عائشة ^.

  وتدل على وجوب الوفاء بالعهود والأمانات، فيدخل فيها جميع الأمانات والمضمونات من العقود وغيرها، فيدخل في ذلك جميع التكاليف.

  وتدل على أن من كان بهذه الصفة يرث الجنة فيبطل قول المرجئة، قال شيخنا أبو علي: إنما ذكر ذلك تشبيهاً بالميراث؛ لأنهم صاروا أولى بها.

  ومتى قيل: أليس هاهنا عبادات أخر لم نذكرها؟

  قلنا: لا؛ لأن جميع ما كلف دخل في الآية؛ لأن جميع ما يجب فعله من العبادات، وما يلزمه من عقود الناس وضماناتهم يدخل في قوله: {لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ} وجميع المعاصي، يدخل تحت قوله: {عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}.

  وتدل على أن هذه الأفعال حادثة من قِبَلِ العباد، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  ومتى قيل: هل تدل الآيات على وجوب هذه الأشياء؟