التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين 12 ثم جعلناه نطفة في قرار مكين 13 ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين 14 ثم إنكم بعد ذلك لميتون 15 ثم إنكم يوم القيامة تبعثون 16}

صفحة 5029 - الجزء 7

  وقيل: لما قال: هم في الفردوس خالدون، وأحوال الإنسان في الدنيا تتغير بَيَّنَ أنه هو المُغُيِّرُ، فإذا لم يُغَيِّرْ بقي على حاله.

  · المعنى: ثم ذكر تعالى كيف خلق الإنسان، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ» أي: خلقنا الإنسان مسلولاً من الطين، أي: مستخرجاً منه، قيل: استل آدم من أديم الأرض فخلق منه. وقيل: استل من طين، عن قتادة، وقيل: استل الإنسان من صفوة ماء آدم الذي هو من الطين، واختلفوا في المعني بالإنسان، فقيل: كلهم يرجعون إلى آدم وآدم خلق من سلالة من طين، عن ابن عباس، ومجاهد، وقيل: بل أراد به آدم، عن أكثر المفسرين. «ثُمَّ جَعَلْنَاهُ» أي: جعلنا الإنسان، وهم ذرية آدم «نُطْفَةً» وهو المني «فِي قَرَارٍ مَكِينٍ» أي: مكن لذلك بأن هيأ لاستقراره، وقيل: مكين: حَرِيز، وهو الرحم «ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً» أي: قطعة دم جامد «فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً» أي قطعة لحم «فَخَلَقْنَا» تلك «الْمُضْغَةَ عِظَامًا» صلبها «فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا» أي: ألبسنا العظام لحماً، بأن أنبت عليها اللحم بأن «ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ» أي: جعلناه على صورة أخرى، قيل: بنفخ الروح، عن ابن عباس، ومجاهد، والشعبي، وعكرمة، وأبي العالية، والضحاك، وابن زيد،