التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين 12 ثم جعلناه نطفة في قرار مكين 13 ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين 14 ثم إنكم بعد ذلك لميتون 15 ثم إنكم يوم القيامة تبعثون 16}

صفحة 5030 - الجزء 7

  وقيل: بنبات الشعر والأسنان، عن قتادة، وقيل: بإعطاء العقل والفهم، وقيل: باستواء الشباب، عن ابن عمر، وقيل: تصريف أحواله بعد الولادة، كأنه قلبه في بطن أمه، ثم أخرجه من بطن أمه، وأطعمه من ثدي أمه، ثم تنتقل به الأحوال من صغر وشباب وكهولة، وأعطاه العقل، وعلمه وأقدره، ومكنه من الأفعال حتى صار إنساناً خصيماً، وقيل: ذكرًا وأنثى، «فَتَبَارَكَ اللَّهُ» أي: الدائم الباقي، وأصل البركة: الثبوت، وقيل: المستحق لعظيم صفاته بأنه قديم لم يزل ولا يزال، عالم قادر حي سميع بصير غني عدل «أَحْسَنُ الْخَالِقينَ» يعني تعالى اللَّه أن يكون فعله كفعل سائر الفاعلين؛ لأنه يفعل الجواهر والأعراض والحياة والموت، ويخلق الفاعلين، ويخلق لا بآلة، وليس لمقدوراته نهاية، قيل: أحسن أي: المصورين، وقيل:

  المقدرين، وقيل: الصانعين، عن مجاهد، «ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ»، أحياء من قبوركم للجزاء.

  · الأحكام: تدل الآية أن الخالق والمصور في الأرحام هو اللَّه تعالى، فيبطل قول من يزعم أن ملكاً يصور؛ لأن من المستحيل أن يكون في الرحم ملك يصور؛ لأن هذه الصورة العجيبة والتأليفات البديعة لا تتأتى ممن يفعل بآلة.

  وتدل على أنه خلق آدم من طين، وأولاده من نطفة، وأنه نقله من حال إلى حال، ولا يصح أن يقال: إن تلك الأجزاء من النطفة بعينها تصير إنساناً، أو تنمو