التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين 17 وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون 18 فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون 19 وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين 20 وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون 21 وعليها وعلى الفلك تحملون 22}

صفحة 5035 - الجزء 7

  قلنا: أما النعمة فإنها مواضع أرزاقنا، ومكان ثوابنا، ومنها ينزل الوحي بألطافه، ومنها تنزل الملائكة، وهي مقر لهم، فأمَّا وجه الدلالة فخلقها وإمساكها وتزيينها، وسَيْرُ النجوم فيها إلى غير ذلك.

  «وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ» قيل: أراد خلقنا السماوات والخلق وما كنا غافلين عن شيء من ذلك؛ بل كنا عالمين بها حافظين لها، وقيل: ما كنا غافلين عنكم، فننزل عليكم من المطر ما يحييكم وما يرزقكم، عن الحسن، وقيل: ما كنا غافلين عن السماء، فأحكمنا خلقها وأمسكناها حتى لا تسقط عليكم فتهلككم، وقيل: معناه من جازت عليه الغفلة لا يصح أن يمسك السماء فتقع، ولا أن يحفظ الخلق فيهلكوا، وقيل: ما كنا غافلين عن شيء حتى يخرج عن الذي أردنا كونه عليه، عن أبي مسلم، وقيل: ما كنا عن حاجاتهم غافلين صغر أم كبر كذلك عقبه بذكر المطر، وقيل: ما خلقناكم عبثاً؛ بل خلقناكم غير غافلين؛ بل عالمين بأعمالكم محصيين لها نجازي بها، عن أبي علي. «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ» قيل: بقدر ما يكفي لحاجاتهم وأرزاقهم، قيل: بقدر ما قدوناه لإنزاله على ما توجب