التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين 50 ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم 51 وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون 52 فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون 53 فذرهم في غمرتهم حتى حين 54}

صفحة 5057 - الجزء 7

  وكل شدة غمرة، قال ابن عرفة: سمي به لأنه يغمر القلوب، أي: يغطيها لكثرته، ومنه: الغمرات ثم تنجلينا. وغمار الناس: [جَمَاعَتِهم وكَثْرَتِهم]، والغَمْرُ: الماء الكثير، وأصل الباب: الستر والتغطية، يقال: غمرت [الشيء إذا سترته]، وفرس غَمْرٌ كثير الجري، وغَمْرُ العطاء: كثيره.

  · الإعراب: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ} موضعه نصب بمعنى لأن هذه {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ} أي: لهذا فاتقون.

  «صالحاً» نعتٌ لمحذوف أي: اعملوا عملاً صالحاً.

  ونصب «زبرًا» بدل عن (أمرهم)، عن أبي مسلم.

  ونصب «آيةً» على الحال.

  ويُقال: لَم قال: «آية»، ولم يقل: آيتين: إحدهما عيسى، والأخرى أمه؟

  قلنا: للنحاة فيه أقوال:

  قيل: جعلنا كل واحد منهما آية، كقوله: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا}⁣[الكهف: ٣٣].

  وقيل: جعلنا شأنهما آية؛ لأن عيسى وُلد من غير أب، ومريم ولَدتْ من غير