التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين 50 ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم 51 وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون 52 فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون 53 فذرهم في غمرتهم حتى حين 54}

صفحة 5058 - الجزء 7

  زوج، فكأنه قال: جعلناهما حجة على الاختراع من غير شيء كما خلقنا عيسى من غير أب.

  · المعنى: ثم عطف على ما تقدم بذكر قصة عيسى # فقال سبحانه: «وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً» يعني عيسى وأمه مريم «آيةً» أي: حجة على قدرتنا على الاختراع، ومعجزة لعيسى «وَآوَيْنَاهُمَا» أي: جعلنا ذلك حجة ومأوى لهما «إِلَى رَبْوَةٍ» إلى أرض مرتفعة، قيل: الرملة من فلسطين، عن أبي هريرة، وقيل: دمشق، عن سعيد بن المسيب، وقيل: مصر، عن ابن زيد، وقيل: بيت المقدس، عن قتادة، وكعب، قال كعب: وهي أقرب الأرض إلى السماء ثمانية عشر ميلاً، وقيل:

  غوطة دمشق، عن الضحاك، وقيل: إيليا والأرض المقدسة، عن أبي العالية. «ذَاتِ قَرَارٍ» قيل: ذات استواء وسعة ليستقر عليها، وقيل: ذات ثمار، عن قتادة، ذهب إلى أن لأجل الثمار يستقر فيها ساكنها، وقيل: يمكن القرار فيها لوجود الماء والنبات، وقيل: ذات أمن؛ لأنه لا قرار مع الخوف «وَمَعِينٍ» ماء جار، ظاهر للعيون «يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ» قيل: المراد به عيسى، وفيه حذف، أي: قلنا لعيسى {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ} على لفظ الجمع، كما يقال: للواحد: أيها القوم كفوا عنا أذاكم، وقيل: بل هو على الحكاية لما قيل لجميع الرسل، كأنه قيل: قلنا: يا أيها الرسل، وهو الوجه