التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين 50 ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم 51 وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون 52 فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون 53 فذرهم في غمرتهم حتى حين 54}

صفحة 5059 - الجزء 7

  لظاهر اللفظ، وقيل: هو خطاب لمحمد، ÷، عن الحسن، وقتادة، ومجاهد؛ لأنه ذكر بعض أخبار الأنبياء «كُلُوا» يعني أن اللَّه كفاكم أمر الأرزاق فكلوا، وقيل: لفظه لفظ الأمر ومعناه الإباحة، «مِنَ الطَّيّبَاتِ» قيل: من الحلال، وقيل: مما يستطاب؛ لأن قوله: {كُلُوا} يتضمن الإباحة، وروي أن عيسى كان يأكل من غزل أمه، عن عمرو بن شرحبيل، فنبه بالآية أن النبوة لا تُحَرِّمُ الطيبات «وَاعْمَلُوا صَالِحًا» هو أمر بالطاعات أجمع، «إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ» فأجازيكم بأعمالكم، وفيه تحذير من مخالفته وترغيب في طاعته «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً» قيل: دينكم دين واحد، عن الحسن، وابن جريج، والأمة الملة بالإجماع عليها بأمر اللَّه تعالى، وقيل: جماعتكم جماعة واحدة في الشريعة التي نصبها اللَّه تعالى لكم، وقيل: هو من الأَمِّ أي: قصدكم، أي: قصد واحد، وطريقتكم طريقة واحدة في توحيد اللَّه تعالى وعبادته والدعاء إليه، عن أبي مسلم، وقيل: خطاب للرسل، وفيه حذف، أي: وقلنا: دينكم واحد فيما يلزمكم من التوحيد والعدل والنبوات، وأمتكم كأمة واحدة فيما يلزمكم من هذا، والمراد به العقليات دون الشرعيات، التي تختلف بالمصالح، وقيل: إنه خطاب لهذه الأمة، أن أمتكم أمة