قوله تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين 50 ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم 51 وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون 52 فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون 53 فذرهم في غمرتهم حتى حين 54}
  واحدة، وقيل: أمتكم يعني جميع الأمم، واحدة: في أنهم عبيد اللَّه وخلقه وتدبيره، ويجب عليهم اتقاء معاصيه، عن أبي علي، «وَأَنَا رَبُّكُمْ» خالقكم «فَاتَّقُونِ» أي: فاتقوا مخالفة أمري.
  ثم أخبر عن الأمم، فقال سبحانه: «فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ» أي: تفرقوا في أمرهم، وتقطعوا إشارة إلى شدة الاختلاف، وأنهم لم يتبعوا الأدلة حتى يجمعهم؛ بل اتبعوا علماء السوء، ورؤساء القوم والأشراف حتى تفرقوا في الدين و «زُبُرًا» قيل: كتباً، عن الحسن، ومجاهد، والمعنى تفرقوا كتباً، فآمن كل فريق بكتاب، وكفروا بغيره، كاليهود آمنت بالتوراة وكفرت بالإنجيل والقرآن، وكالنصارى آمنت بالإنجيل وكفرت بالقرآن، وقيل: أحدثوا كتباً يحتجون بها لمذاهبهم، عن قتادة، وابن زيد. فأما بفتح الباء يعني تفرقوا قطعاً، ومعناه جماعات مختلفة، «كُلُّ حِزْبٍ» جماعة «بِمَا لَدَيْهِمْ» من دينهم «فَرِحُونَ» مسرورون معجبون {فَذَرْهُمْ} أي: اتركهم، وهذا وعيد «فِي غَمْرَتِهِمْ» قيل: في كفرهم وهلاكهم، عن ابن عباس، وقيل: في عماهم، عن ابن زيد، وقيل: في غفلتهم، عن الربيع، وأبي مسلم، وقيل: في حيرتهم وجهلهم، عن أبي علي. «حَتَّى حِينٍ» قيل: إلى وقت الموت والمعاينة، عن أبي علي، وقيل: إلى يوم القيامة، عن أبي مسلم، وقيل: إلى حين العذاب، فعند