قوله تعالى: {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين 55 نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون 56 إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون 57 والذين هم بآيات ربهم يؤمنون 58 والذين هم بربهم لا يشركون 59 والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون 60 أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون 61}
  ولما بين حال الكفار بين حال المؤمنين المسارعين في الخيرات، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ» قيل: هم بمعرفتهم بِاللَّهِ تعالى وصحة وعده ووعيده يطيعون اللَّه، ويخافون ألا يقبل منهم فأدّوا كما أمروا، وقيل: هم من خوف عقابه يخافون مخالفة أمره ونهيه «وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ» بحججه «يُؤْمِنُونَ» يصدقون «وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ» أي: يوحدون اللَّه ويعبدونه «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا» أي: يعطون ما أعطوا من الزكاة والديون والودائع والأمانات والضمانات «وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ» أي: خائفة، عن قتادة، وقيل: يخافون التقصير، وقيل: يخافون ألا تقبل منهم «أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ» أي: إلى حكمه صائرون، وقيل: يخافون عذاب اللَّه، وعن عائشة: سألت النبي ÷ وعلى آله عن قوله: {يُؤتُونَ مَآ آتَوا} هو الذي يزني ويسرق؟ قال: «لا، الذي يصوم ويصلي ويتصدق، ومع ذلك يخاف اللَّه تعالى».
  «أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيرَاتِ» في طاعة اللَّه تعالى، «وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ» قيل: سبقت لهم السعادة، عن ابن عباس، يعني لما علم منهم الأعمال الصالحة حكم لهم بالسعادة، والسابق مَنْ أحرز الفضل والخير، وقيل: من أجل الخيرات سابقون إلى الجنة، وقيل: إلى الخيرات سابقون، و (لها): بمعنى إليها، كقوله: {لِمَا نُهُوا عَنهُ}[المجادلة: ٨] قيل: أراد يؤدونها في أوقاتها، لا يدخلون وقتاً في وقت، قال الحسن: المؤمن جمع إحساناً وشفقة، والمنافق جمع إساءة وأَمْناً، وتلا هذه الآيات.