قوله تعالى: {ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون 62 بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون 63 حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون 64 لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون 65}
  · اللغة: الوُسْعُ: الحال التي يتسع بها السبيل إلى الفعل، وأصله السعة.
  والجُؤَار: الاستغاثة، ورفع الصوت بها، يقال: جأر يَجْأَرُ، وفي الحديث: «كأني أنظر إلى موسى له جؤار إلى ربه بالتلبية» أي: رفع الصوت.
  والتُّرّفْةُ: النعمة، والمتْرَفُ: المنعَّم، وهو المتروك يصنع ما يشاء لا يُمْنَعُ منه.
  · المعنى: لما بين تعالى حال الكفار، وعقبه بحال المؤمنين بَيَّنَ بعد ذلك أنه لم يكلف أحداً فوق الطاقة، وإنما أُتوا في التقصير من جهتهم، فقال سبحانه: «وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا» أي: ولا نُحَمِّل أمرًا ولا نأمر به «إِلَّا وُسْعَهَا» إلا وسع عليها فعله، كالمصلي لا يجد الماء جاز التيمم، ونحو ذلك «وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ» ومع هذا كتاب عندنا يحفظ جميع ما يفعلونه ليجازوا به، وقيل: إن لم يحفظ فاعله ما أسلف فاللَّه يحفظه عليه وله، وقيل: ولدينا كتاب ينطق بصحة ما ذكرنا، واختلفوا في ذلك الكتاب، قيل: ما ينسخ من الحفظة أعمال العباد، ولما قرئ منه أضاف النطق إليه مجازاً، وقيل: اللوح المحفوظ، كتب فيه جميع أعمال الخلق، اعتبارًا