التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون 66 مستكبرين به سامرا تهجرون 67 أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين 68 أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون 69 أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون 70}

صفحة 5072 - الجزء 7

  دعاهم إليه، والأدلة التي بينها لهم «أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ» يعني أهذا شيء جاءهم ولم يأت آباءهم حتى أنكروه، لكونه بدعاً، وقد بعث في الأمم الرسل قبلهم، عن ابن عباس، وأبي علي، وأبي مسلم، وقيل: إنهم منعوا بالجهل، ولما جاءهم ما لم يأت آباءهم جحدوا به «أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ» محمداً ÷ وعلى آله أنه أصل في الصدق والأمانة والخلال الحميدة، والخصال الحسنة لا خيانة فيه، ولا طمع، ولا شيء مما يوجب التنفير والعيب، ومعناه أنه لا عذر لهم في الامتناع من قبول الحق إلا الفهم لما اعتقدوه من الباطل، وكراهتهم لما جاءهم عن الحق «فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ» يعني ينكرون رسالة الرسول حسداً وبغياً «أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ» قيل: جنون، وقيل: دعا إلى ما لا مطمع فيه، فهو كالمجنون، وإنما قالوا ذلك ليصرفوا الناس عنه «بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ» قيل: كُذِّبوا فيما قالوا؛ لأن المجنون يهذي، وهذا الرسول جاءهم بالحق، وقيل: جميع ذلك معدوم، والعلل مزاحة، فلا عذر لهم؛ لأن الحق قد جاءهم، «وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ» لأنه لم يوافق مرادهم فكرهوه.

  · الأحكام: الآيات تدل على أن إنكار الآيات كُفْرٌ.

  وتدل على وجوب التدبر والتفكر في الأدلة والقرآن.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة.

  وتدل على أن العلل مزاحة للمكلفين.