قوله تعالى: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون 71 أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين 72 وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم 73 وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون 74 ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون 75}
  أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ»، قيل: هذا جواب الاستفهام في قوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ} يعني أتيناهم بذكرهم أي: بشرفهم وعزهم؛ لأن شرف العرب به، وهم مع ذلك يجحدونه ويحسدونه، وقيل: أتيناهم بالقرآن؛ لأنه نزل بلغتهم، ولولاه ما اششغل أحد بلغة العرب «فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ» قيل: الذكر البيان للحق، عن ابن عباس، وقيل: أتيناهم الذكر يتذكرونه، عن أبي مسلم. «أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا» هذا استفهام والمراد النفي، أي: ما تسألهم عن تبليغ الرسالة جُعْلاً وأجرًا، وقيل: أجرًا على العمل، عن الحسن. «فَخَرَاجُ رَبِّكَ» أي: رزقه وثوابه» خَيرٌ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ «لأنه يخلق الرزق، ويعطي متفضلاً، «وَإنَّكَ» يا محمد «لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» أي: مع ارتفاع المعاني المنفرة التي تقدمت، تدعوهم «إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»، وهو دين الإسلام «وِإنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ» أي: بالنشأة الآخرة «عَنِ الصِّرَاطِ» عن الدين {لَنَاكِبُونَ} لعادلون مائلون، وقيل: هو في الآخرة يؤخذ بهم يمنة ويُسْرةً إلى النار، عن أبي علي، وأجاز الوجه الأول. «وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ» قيل: هو في الآخرة لو رحمناهم ورددناهم إلى دار التكليف «لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ» نظيره {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}[الأنعام: ٢٨] عن أبي علي، وأبي مسلم، وقيل: هو في الدنيا من ضر أو جوع وجدب، عن ابن جريج،