قوله تعالى: {بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون 90 ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون 91 عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون 92 قل رب إما تريني ما يوعدون 93 رب فلا تجعلني في القوم الظالمين 94 وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون 95}
  محال في صفة القديم، «وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ» دل بدليل قاطع على نفي الاثنين، يعني لو كان معه من إله يخلق لاختص كل واحد بملك نفسه، حتى لا يكون للآخر عليه يد وقدرة، ولو كان كذلك لكان مقدوراته محصورة، ولما كان قادرًا لذاته فلا يصح أن يكون إلهاً، وقيل: لَغَالَبَ كل واحد منهما صاحبه بمخلوقه، بأن يزيد كل واحد في خلقه، فيغلب الآخر على العسكرين، وهذا في القادر للذات محال.
  ثم دل بدليل آخر، فقال سبحانه: «وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ» أي: لغلب بعضهم بعضاً، فكان الضعيف لا يكون إلهاً «سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ» أي: براءة له وتنزيهاً عما يصفه المشركون به «عَالِمِ الْغَيْب وَالشَّهَادَةِ» يعني يعلم ما غاب وما حضر، فلا يخفى عليه شيء، دل بذلك على أنه لا شريك له؛ إذ لو كان له شريك لكان ينبغي أن يكون هكذا، ولأن ذلك ليس من صفات الأجسام، وقيل: هو يعلم كل شيء، فيأتي بالحق، وهم يقولون بالجهلة ومتى قيل: ما معنى الغيب والشهادة؟
  قلنا: يحتمل ما غاب من الحواس وما أدركته الحواس، ويحتمل أنه أراد المعدوم والموجود.