التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين 109 فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون 110 إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون 111 قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين 112 قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين 113 قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون 114}

صفحة 5100 - الجزء 7

  · الإعراب: (إِنَّهُ) الهاء قيل: عماد، وتسمى المجهولة أيضاً، (العادين) الدال مثَقَّلة لا بد منه؛ لأنه من عددت، وهو من المضاعف.

  · المعنى: لما تقدم الخبر عن تعذيبهم بَيَّنَ العلة فيه، فقال سبحانه: «إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي» المؤمنين «يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا» صدقنا بك وبرسولك وبكتابك «فَاغْفِرْ لَنَا» ذنوبنا «وَارْحَمْنَا» بأن تدخلنا الجنة «وَأَنْتَ خَيرُ الرَّاحِمِينَ، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا» قيل: تستهزئون بهم، وقيل: تستعبدونهم، ولم يرض اللَّه تعالى ذلك، فغضب للمؤمن وجازى أعداءهم ووبخهم، فقال: «حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي» قيل: أنساكم اشتغالكم بالاستهزاء بهم عما لزمكم من ذكري، وقيل: تركوا تذكيركم مخافة استحقاقكم حتى صار ذكر اللَّه منسيًا لكم.

  ومتى قيل: لم أضاف الإنساء إلى المؤمن على هذا؟

  قلنا: إنهم لما تركوا تذكير الكافرين كان ذلك بمنزلة الإنساء على وجه التوسع والمجاز.