قوله تعالى: {إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين 109 فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون 110 إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون 111 قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين 112 قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين 113 قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون 114}
  «إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا» على الاستهزاء، وأقاموا على الدين «أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ» بالجنة، يعني كافأتهم بصبرهم الجنة، فمع إحسان اللَّه إليهم لا يضرهم أذاهم، «قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ» هذا سؤال توبيخ وتبكيت، يعني آثرتم الدنيا واشتغلتم بها وبزينتها، وأنكرتم البعث والجزاء فكم لبثتم فيها؟!، وقيل: مع قلة لبثكم فيها أوبقتم أنفسكم في عذاب طويل، فأجابوا مصدقين لذلك، وقيل: كم لبثتم في القبر مع إنكاركم البعث، وقيل: كم أمهلتم في الدنيا، وأبقيتم للعمل، وهل علمتم؟ «قَالُوا» يعني الكفار «لَبثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ» قيل: في ظننا؛ لأن أهل الآخرة لا يكذبون، وقيل: أرادوا قليلاً تعظيماً لما هم فيه وطوله كأنه قيل: هو كبعض يوم بالإضافة إلى ما نحن فيه، وقيل: نسوا أن شدة ما هم فيه كبعض يوم، وليس بشيء؛ لأنه لا يكون كذباً، وقيل: أرادوا أنهم لا يعرفون ذلك، ولذلك قالوا: «فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ» قيل: من الملائكة، عن مجاهد؛ لأنهم يحصون أعمال العباد، وقيل: العادين من الحساب، عن قتادة؛ لأنهم يعدون الشهور والسنين، «قَالَ» اللَّه تعالى «إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا» حتى بعثكم تكذيباً لظنكم، وقيل: كان قليلاً؛ لأن لها نهاية وانقضت، عن أبي علي. «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» قيل: البعث والجزاء، أي: لو علمتم الجزاء ما اعتقدتم دوام اللبث تحت الأرض، وقيل: لو علمتم قدر