قوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون 115 فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم 116 ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون 117 وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين 118}
  «وَارْحَمْ» بإيجاب الثواب «وَأَنْتَ خَيرُ الرَّاحِمِينَ»؛ لأن عطاءه لا ينفد؛ بل يتصل ويدوم، ولأن أصول النعم وفروعها منه، ولا يجود من نعمه عليه شيء، قال أبو مسلم: هو معطوف على قوله: {لَا تُرْجَعُونَ} وقيل: إنه لطف في استنزال الرحمة.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى لم يخلق العبث ولا الخلق للعبث، خلاف قول الْمُجْبِرَة، وإذا نُزِّهَ عن خلق العبث فكيف يجوز أن يخلق الكفر وسائر الفواحش، ولو كان جميع القبائح منه عبثاً كان أو غيره لمَا صح هذا التنزيه لنفسه والتوبيخ لهم، فكيف يصح أن يقول: «أَفَحَسِبْتُمْ» وهو خالق الحسبان، وروي أن عليا # قال في خطبة له: «أيها الناس اتقوا اللَّه؛ فما خُلِقَ امرؤٌ عبثاً فيلهو، ولا أهمل سدى فيلغو».
  واختلفوا لماذا خلق الخلق، وما الغرض فيه؟
  فقال مشايخنا: تعريضاً للثواب الذي لا يجوز التفضل به، لما يتضمن من التعظيم والتبجيل؛ بل لا بد من استحقاق، واستحقاقه بالأعمال الصالحة، وذلك يحصل بالتكليف، وما عدا المكلفين خلقها لهم لمنافعهم، إما في الدين، وإما في الدنيا.