قوله تعالى: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون 1 الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين 2 الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين 3}
  · الأحكام: الكلام في الآية يشتمل على فصول خمسة:
  أولها: ما يدل عليه من الأحكام العقلية.
  والثاني: ما يدل عليه من الأحكام الشرعية.
  والثالث: حد الزنا وشرائطه.
  والرابع: حكم الرأفة.
  والخامس: حضور جماعة.
  أمَّا الفصل الأول: فدل قوله: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} على حدث السورة والقرآن؛ لأن الإنزال والفرض والتقدير لا يجوز على القديم.
  وتدل على أنه أنزل الكتاب ليتدبروا ويستدلوا، فثبت أنه يمكن أن يُعْرَفَ المراد به من غير إمام وغيره.
  وتدل على أنه أراد من الجميع التدبر خلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنه أراد من بعضهم ترك التدبر بل كره التدبر.
  ويدل قوله: «آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ» أنها مستقلة بنفسها، يمكن معرفة المراد بها خلاف ما يقوله قوم: أنه لا يعرف بظاهره الأحكام، وأن له باطناً على ما تزعمه القرامطة، وخلاف قول من يقول: إنه لا يمكن معرفة المراد به على القطع وإن المرجع فيه إلى الإمام.