التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون 1 الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين 2 الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين 3}

صفحة 5117 - الجزء 7

  ويدل قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} أن الزنا فِعْلُ العبد ليس بخلق اللَّه تعالى، ولذلك استحق الجلد والعقوبة خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

  وتدل على أن الزنا كبيرة.

  وتدل على أن الزاني لا يطلق عليه أنه مؤمن على ما يقوله شيوخنا؛ لأنه فصل بين الزناة وبين المؤمنين، كما فصل بين المشركين والمؤمنين.

  وتدل على أن الزاني لا يصير مشركاً بزناه، خلاف قول الخوارج؛ لأنه فصل بينهما.

  وتدل على أن حد الزنا في المُصِرِّ عقوبة.

  ويدل قوله: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ} أن الفاسق لا يجوز أن يُرْحَمَ، حتى لا يقام عليه ما وجب من الحد، أي: لما نهى عن الرحمة فلا يرحمه فهو خلاف قول الْمُجْبِرَةِ، وإذا نهى عن الرحمة عليه، فالنبي، ÷ وعلى آله لا يرحمه حتى لا يشفع له، فيبطل قولهم في الشفاعة، وإذا لم يجز أن يرحم في جلدات، فكيف يجوز أن يرحم [في] عذاب الآخرة.

  ويدل قوله: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ} على أن ذلك فعلهم؛ لاستحالة أن يحرم عليهم ما يخلقه فيهم.