التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون 1 الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين 2 الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين 3}

صفحة 5121 - الجزء 7

  فأما ما يثبت به الزنا: فإما أن يثبت بالشهادة، فلا بد فيه من أربعة رجال بالاتفاق، يشهدون أنهم عاينوهما، ورأوا كالمِيلِ في المُكْحُلَة، ولا تقبل شهادة النساء، ولا الشهادة على الشهادة، ولا كتاب القاضي.

  وأما الإقرار: فلا يثبت إلا بأربعة أقارير، في أربعة مجالس، وقال الشافعي: يثبت بإقراره مرة، ويسأل القاضي عن عقله، ومن زنى به، وموضعه، وهل كان شبهة، ويلقنه ألّا يقر، ويعرض عنه، فإذا تحقق الزنا أمر بإقامة الحدّ، ولا يحكم في الحدود بالنكول، وإذا أقر الذمي يحد عندنا، وقال مالك: لا يُحَدُّ، وإذا أقر العبد يحد، وكذلك المولى يقام عليه الحد، وقال زفر: لا يقام، قال الطحاوي: لم يوافقه على ذلك أحد غير عمرو بن دينار.

  فأمَّا من يقيمها: فالإمام أو من يقوم مقامه، واختلفوا فقال أبو حنيفة: السيد لا يقيم على عبده وأمَته، وهو اختيار القاضي، وعليه نقل إجماع الصحابة، وقال الشافعي: يقيمه، فأما المتغلب فمنهم من قال: ليس له أن يقيم الحد؛ لأنه من حقوق الإمام، ومنهم من قال: له إقامة الحد.