قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون 4 إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم 5}
  المراد بالمحصنات الفروج المحصنة، أي: الممنوعة من المحظورات؛ لأن الإحصان صفة الفرج لقوله: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}[الأنبياء: ٩١] فالظاهر تناول الذكر والأنثى، وقيل: في هذه الآيات حكم الإناث حكم الذكور في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} ولا شيء في ذلك أبلغ من القذف. وقيل: يعرف حكمها بالإجماع. «ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ» يشهدون على صحة ما رماها به من الزنا «فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» الخارجون عن طاعة اللَّه، ثم استثنى «إِلَّا الَّذِينَ تابوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا» عملهم «فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» يغفر ما سلف منه، ويدخله الجنة برحمته.
  · الأحكام: تدل الآية على أن القاذف يُحَدُّ ثمانين جلدة، وهذا القذف أن يرمي بالزنا ونحوه مِنْ نَفْيِ الولد، فأما الرمي بغير ذلك وإِنْ عَظُمَ فلا حد فيه، وإنما فيه التعزير، نحو أن يرميه بالكفر ونحوه، قيل: لأن الرمي بالزنا أكبر، فاحتيج إلى زجر، والرمي بالكفر يقل، وقيل: ذاك عذاب يتعداه، فاحتيج إلى زيادة زجر بخلاف