التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون 4 إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم 5}

صفحة 5125 - الجزء 7

  الكفر، وقيل: لأن للكفر علامة يعلم بها، فإذا لم يكن علم كذبه بخلاف الزنا، ودليل أن المراد به الرمي بالزنا قوله: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} فشرط شهادةَ أربعة دل أن الذي رماه به يحتاج في إثباته إلى أربعة شهود، وما ذلك إلا الزنا، فقال القاضي: ولأن من جهة التعارف إنما يفهم إذا قيل: رمي فلان: الرمي بالزنا.

  وتدل أن قذف المحصنة إنما يوجب الحد دون غيره، وهي الحرة المسلمة العفيفة البالغة العاقلة، ولا يجب بقذف الصبي والمجنون والذمي والزاني، ولا بد فيه من طلب؛ لأنه وإن كان عقوبة فللآدمي حق في طلبه لأجل الشَّيْنِ الذي يلحقه في نفسه أو وَليِّهِ، فإن مات قبل الطلب لم يورث عند أبي حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: يورث، وإذا قذف بعد موته فللولي الطلب؛ لأن الحق يثبت له، وإذا ثبت الحد لم يجز العفو عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف والشافعي: يصح العفو.

  وتدل على أن الحد إنما يجب إذا عجز عن إقامة بينة، وهو أربعة شهود، فإذا شهدوا حد الزاني، ولا يحد القاذف.