التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون 164}

صفحة 681 - الجزء 1

  والسحاب الغيم، وأصله من السَّحْب، وهو الجر، وكل منجَرًّ مُسْتَحَبٌ، وسمي سحابًا لاستحابها في الهواء.

  والتسخير: التذليل، يقال: سخرت كذا له أي سهلته، وسخر اللَّه تعالى الريح لسليمان.

  والآيات: الحجج والعلامات.

  · الإعراب: يقال: لم وُحِّدَت الأرض، وجمعت السماوات؟

  قلنا: فيه قولان:

  الأول: أنها جمعت لأنها سبع سماوات، فجمع لئلا يوهم التوحيد، ودل مع ذلك قوله: {وَمنَ الأَرضِ مِثلَهُنَّ} على معنى السبع، ولكنه لم يجئ على جهة الإفصاح بالتفصيل كما في اللفظ.

  الثاني: لأن الأراضي لتشاكلها شبه الجنس الواحد كالرسل، والماء الذي لا يجوز جمعه إلا أن يراد الاختلاف، وليس تجري السماوات مجرى الجنس المتفق؛ لأنه أخبر عن كل سماء أمرها.

  ويقال: لم جمعت الليلة، ولم يجمع النهار؟

  قلنا: لأن النهار بمنزلة المصدر كقولك: الضياء يقع على الكثير والقليل، وأما الليلة فَمخْرَجُها مخرج الواحدة من الليل، وقد جاء جمعه على الشذوذ نُهُر. قال الشاعر:

  لَوْلاَ الثَّرِيَدانِ هَلَكْنَا بالضُّمُرْ ... ثَرِيدُ لَيْلٍ وَثَرِيدٌ بِالنُّهُرْ

  · النزول: حكى شيخنا أبو القاسم عن عطاء [أن] المشركين قالوا: أرنا يا محمد آية، فنزلت هذه الآية.