قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون 164}
  · الأحكام: في الآية فوائد وأدلة من وجوه وترجع جملتها إلى ثلاثة أوجه:
  أولها: ما يدل عليه ظاهر الآية نصًّا وتنبيهًا.
  والثاني: دلالة هذه الأشياء على ما تدل عليه.
  والثالث: كيفية دلالتها.
  فأما الأول: فتدل على الصانع المدبر على ما نقرره.
  وتدل على كونها أدلة على التوحيد على نِعَمِ منه تعالى على عباده لأجلها استحق العبادة، وتدل على أنه تعالى لا يعرف ضرورة وَلا إلهامًا ولا تقليدًا؛ إذ لو صح شيء من ذلك لم يكن لبيان الأدلة معنى فصارت الآية بيانًا لما يجب فيه النظر وباعثًا على النظر ومبطلاً للتقليد والضرورة.
  وتدل على صحة الحجاج في الدين خلاف ما تقوله الحشوية.
  وتدل على وجوب النظر والاستدلال، وأن ذلك طريق معرفته.
  وتدل على أنه تعالى أزاح العلة للمكلف من بيان الحجج، ومن لم يتفكر ولم يتعلم فأتي بمنكرٍ فقد أتى به من قِبل نفسه لا من قبل ربه.
  فأما الفصل الثاني: فتدل هذه الأشياء على إثبات الصانع وصفاته وتوحيده وعدله ثم دلالتها عليه تنقسم إلى قسمين: منها ما يدل عليه بنفسه ككونه قادرًا يدل الفعل عليه، ومنها ما يدل عليه بواسطة ككونه حيًّا لما علم أنه قادر عالم علم أنه حي سميع بصير، فتدل الأفعال عليها بواسطة.
  ومتى قيل: على ماذا يدل؟
  قلنا: أولاً يدل على حدوثها؛ لأنها لا تخلو من الحوادث ولم يسبقها.
  وتدل على صانع؛ لأنه إذا ثبت حدوثها فلا بد من مُحدث لها أحدثها كالكتابة والبناء.