قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون 164}
  وتدل على أن صانعها قادر؛ لأن صحة الفعل تدل على كونه قادرًا.
  وتدل على كونه عالمًا؛ لأن صحة الفعل المحكم تدل على أن صانعه عالم، وإذا ثبت أنه عالم قادر فلا بد أن يكون حيًّا؛ لأن كونه حيًّا يصحح كونه عالمًا قادرًا.
  وتدل على أنه قديم باقٍ؛ لأنه واجب الوجود؛ إذ لو كان جائز الوجود لاحتاج إلى محدث ولتسلسل.
  وتدل على أنه سميع بصير؛ لأنه حي لا آفة به.
  ويدل خلقه الأجسام [على] أنه ليس بجسم ولا عرض؛ لأن خلق الجسم لا يصح منها، فيعلم أنه لا شبيه له، ولا يجوز عليه المكان والمحل، وأنه لا يُرى؛ لأن جواز الرؤية من صفات الأجسام والأعراض وأنه غني؛ لأن الحاجة من صفات الأجسام، وإذا ثبت أنه ليس بجسم لا يجوز إثبات اليد والوجه ونحوه من الأعضاء؛ لأنه من صفات الأجسام، ويعلم أنه ليس بمحل للحوادث؛ لأنه ليس بمتحيز؛ ولأنه لو صح حلول بعضها صح حلول سائرها فيؤدي إلى الجهالات.
  وتدل على أنه مخالف للأجسام والأعراض، ولا بد من صفة بها خالف وهو كونه قديمًا فيعلم بذلك أنه لا يجوز أن يكون معه قديم آخر فعند ذلك يعلم أنه عالم لذاته، قادر لذاته، حي لذاته، قديم لذاته لا لمعان قديمة أو مُحَدَثةٍ، ويعلم أن القرآن ليس بقديم، وأنه كلامه أحدثه.
  وتدل على أنه واحد؛ إذ لو جاز إثبات ثانٍ وثالث لصح التمانع.
  وإذا ثبت بأفعاله أنه عالم لذاته غني ثبت أنه لا يفعل القبيح؛ لأن العالم بقبح القبيح العالم بغناه عنه لا يختاره، ولأنه لا داعي له إلى فعل القبيح فعند ذلك يعلم أنه لا يفعله ولا يريده، وأن أفعال العباد ليست بخلق لله لما فيها من الكفر والقبائح، وأنه كلف العباد لمنافعهم، ولم يخلق أحدًا للعذاب لما فيه من القبح، وأنه يزيح العلة ولا يكلف ما لا يطيقه، فيعلم أن الاستطاعة قبل الفعل، وإذا كان غرضه حصول الفعل من