قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون 30 وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون 31}
  فأما من قدر كالمراهق فحكمه حكم الرجال، «وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرجُلِهِنَّ» إذا مشين «لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ» مبالغة في الأمر بالتعفف، يعني لا يحركن أرجلهن إذا مشين ليعلم ما يخفين من زينتهن من الحلي، وقيل: ربما يسمع صوت الزينة الخفية فيطمع بها الرجال، وقيل: يكون بعثاً للشهوات ودعاء للرجل إلى نفسها، وعن الحسن: كانت البغايا في الجاهلية يجعلن في أرجلهن الخلخال، فإذا مرت بالمجلس حركته، فنزلت الآية. «وَتُوبُوا إِلَى اللَّه جَمِيعًا» يعني ارجعوا إلى طاعة اللَّه عن معاصيه، وإلى إرادته التي علمكم، وقيل: توبوا من التقصير فيما أمركم ونهاكم «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي: لتفلحوا، يعني تفوزوا بالجنة، وقيل: توبوا متعرضين للفلاح.
  ومتى قيل: المؤمن يستحق الفوز، فما معنى التوبة؟
  قلنا: لأنه لا يخلو من الصغائر، فربما يكون كبيرة، وقيل: أراد بالمؤمنين المصدقين، وقيل: المراد الانقطاع إلي اللَّه تعالى والتوبة طاعة، فيصح أن يتوب حالاً بعد حال انقطاعاً إليه تعالى.
  (فصل) الكلام في هذه الآية يشتمل على ثلاثة فصول:
  أولها: أنه خطاب للمؤمنين أَوَّلهِمْ وآخِرِهم.