التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون 30 وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون 31}

صفحة 5178 - الجزء 7

  وثانيها: أن هاهنا مواضع لا يحل النظر إليها، فيتصل بها بيان العورات.

  وثالثها: أن منهم من يُجُوزُ النظر إليه ومنهم من لا يُجوزُ، فيجب بيان المحارم ليعلم الفرق بينه وبين الأجانب.

  ورابعها: دلالات الآية.

  أما الفصل الأول: فقد اختلفوا فيه، فقيل: إنه خطاب لكل مكلف، وإنما خص المؤمنين بالذكر؛ لأنهم يقبلونه ويعملون به، ولأنهم هم الَّذِينَ يصح فعلهم منهم مطلقاً.

  وقيل: بل هو خطاب للمؤمنين خاصة، والكفار لا تخاطب بالشرائع، والأول الصحيح، وهو قول مشايخنا.

  وأمَّا الفصل الثاني: بيان العورات، قيل: العورة في الرجل ما بين السرَّةِ إلي الركبة، والسرة ليست بعورة والركبة عورة، ثم هو علي ضربين: مغلظ كالفرج، ومخفف كالفخذ، وهو قول أبي حنيفة وقال: تجوز صلاته كذلك، وقال الهادي: لا تجوز إذا قدر على سترها، ثم عند أبي حنيفة في المغلظة المقدار قدر الدرهم، وفي المخففة الربع، وقال الشافعي: السرة عورة، والركبة ليست بعورة، وقيل: ما بين العانة إلى ما يقارب الركبة، وقيل: السرة والركبة عورة، والظاهر لا يشهد لأحد الأقوال، فوجب الرجوع إلى دليل آخر.