قوله تعالى: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم 33 ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين 34}
  عطاء وعمرو بن دينار، وهو قول داود، وروي نحوه عن ابن عباس، وقيل: هو أَمْرُ نَدْبٍ واستحباب، عن الحسن، والشعبي، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي وسائر الفقهاء، وإليه ذهب الهادي #. «إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيرًا» خطاب للسيد، إن علمتم في المملوكين خيرًا فكاتبوهم، اختلفوا فيه، قيل: قوة على الكسب لأداء مال الكتابة والوفاء بموجب الكتابة، عن ابن عمرو، وابن زيد، ومالك، والثوري، وروي نحوه عن ابن عباس، وقيل: مالاً، عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وعطاء، وقيل: الإسلام والوفاء، عن الحسن، وقيل: صدقاً ووقارًا وأمانة، عن إبراهيم، وعبيدة، وأبي صالح، وابن زيد، وقيل: مالاً وأمانة، عن طاووس، وعمرو بن دينار، وقيل: صلاحاً في الدين وعملاً بالحق لأن مَنْ يرجع إلى الصلاح فاستنقاذه من الرق أوجب، وفيه إشارة إلى أن الصلاح يدعو إلى الخير والنعمة، وقيل: أن يكون بالغا عاقلاً دون الصبي والمجنون؛ لأن كتابة هَؤُلَاءِ لا تصح إلا أن يكون الصبي مراهقاً مأذوناً بفعل ذلك، فيجوز حينئذ عند أبي حنيفة «وَآتُوهُمْ» أعطوهم «مِنْ مَالِ اللَّه الَّذِي آتَاكُمْ» أعطاكم، فيه أقوال:
  أولها: قيل: إن الخطاب للموالي بحط شيء من مال الكتابة، عن جماعة، وهو قول الشافعي، ثم اختلفوا فقيل: أمر إيجاب تقديره: ردوا عليهم يا معشر السادة من المال الذي أخذتم منهم شيئاً، وقيل: بل هو استحباب، وذهب الشافعي إلى أن الحط واجب.