قوله تعالى: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم 33 ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين 34}
  بذلك، أي: رحيم بهن، والوزر على المُكْرِهِ، وقيل: غفر إن تابوا، رحيم يدخلهم الجنة «وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ» واضحات ظاهرات، قيل: من القرآن، وقيل: من الفرائض «مُبَيَّنَاتٍ» بالنصب واضحات، وبالكسر تبين الحق من الباطل، «وَمَثَلاً» خبرًا وعبرة «مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ» من الأمم، كيف فعلوا وكيف هلكوا «وَمَوْعِظَةً» زجرًا وتخويفاً «لِلْمُتَّقِينَ» من يتقي معاصي اللَّه، وخصهم بالذكر لأنهم ينتفعون بها.
  · الأحكام: الآية: تتضمن أشياء:
  أولها: حكم الكتابة.
  وثانيها: حكم الإيتاء من مال اللَّه.
  وثالثها: حكم الإكراه على الزنا.
  ورابعها: دلالات الآية.
  أما الفصل الأول: ففي الآية ترغيب في الكتابة، ولا خلاف فيه، وقد بينا اختلافهم في الوجوب في هذه الآية، والأصل في الكتابة، وعليها بنى الفقهاء مسائل الكتابة، وحكى إسماعيل بن إسحاق عن عطاء أنه واجب، وروي عن عمر أنه أمر أنس بن مالك أن يكاتب سيرين والد محمد بن سيرين، فأبى فضربه بالدرة، فكاتبه، والفقهاء على أنه ليس بواجب؛ لأنه عقد معاوضة، ولأنه عَلَّقَهُ بابتغاء العبد، قال أبو علي: الكتابة والإيتاء كلاهما ترغيب ليس بواجب.