التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم 35}

صفحة 5200 - الجزء 7

  وأبي العالية، والحسن، والضحاك، وقيل: مدبر السماوات، عن مجاهد، كما يُقال:

  فلان نور هذه البلدة، وقيل: مزين السماوات والأرض؛ لأن الأنوار كلها خلقه، كما يقال: فلان رحمة وفلان عذاب، وقيل: أصل النور التنزيه والتصفية، فمعناه: المنزه من كل عيب، وقيل: النور أربعة: نور متلألئ، ونور متولد، ونور من جهة صفاء اللون، ونور من جهة المدح، يقال: فلان نور البلد، فاللَّه نور من جهة المدح؛ لأن جميع المنافع منه كما يقال للنبي ÷: إنه سراج، حين عظم النفع والهداية به، ولا يقال: إنه نور في الحقيقة؛ لأن النور جسم، والله تعالى ليس بجسم.

  «مَثَلُ نُورِهِ» قيل: مثل القرآن، فالنور القرآن؛ لأن به يُهْتَدَى، والهاء كناية عن اسم اللَّه تعالى، عن ابن عباس، والحسن، وزيد بن أسلم، وقيل: النور: محمد، أضافه إلى نفسه تشريفاً، عن كعب، وسعيد بن جبير، وقيل: النور الطاعة سمى طاعته نورًا، وضرب له مثلاً، وقيل: هي الأدلة الدالة على توحيده وعدله، فهي في الظهور كالنور، ثم ضرب لها مثلًا، عن أبي مسلم، وقيل: لما كانت الأدلة ظاهرة بأنه المنعم، كان إنعامه في الظهور كالنور فبالغ في صفته، فمعنى «مَثَلُ نُورِهِ» أي: إنعامه على خلقه، عن الأصم، «كَمِشْكَاةٍ» قيل: هو من المقلوب، وتقديره: كمصباح في مشكاة، وقيل: المشكاة الكُوَّةُ التي لا منفذ لها، عن ابن عباس، وابن