التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم 35}

صفحة 5203 - الجزء 7

  {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ} {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} بل مكية؛ لأن مكة وسط الدنيا، عن الضحاك.

  وثانيها: أنه مثل ضربه اللَّه تعالى للمؤمن، فالمشكاة نفسه، والزجاجة صدره، والمصباح الإيمان، والقرآن في قلبه، «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» هي الإخلاص، «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» لا تصيبها الشمس على حال طلعت أم غربت، كذلك المؤمن لا يصيبه الفتن على حال، فهو بين أربع خلال: إن أعطي شكر، وإن ابتلي صبر، وإن حَكَمَ عدل، وإن قال صدق، «نُورٌ عَلَى نُورٍ» فهو يتقلب في خمسة.

  أنوار: فكلامه نور، وعلمه نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور.

  يوم القيامة في الجنة، عن أُبَيٍّ بن كعب.

  وقيل: مثل هدى اللَّه في قلب المؤمن يكاد يضيء الزيت الصافي قبل أن تمسسه النار، فإذا مسته ازداد ضوءاً، كذلك قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا أتاه العلم ازداد هدى «نُورٌ عَلَى نُورٍ»: هدى على هدى، إيمان المؤمن وعمله، عن ابن عباس.

  وثالثها: أنه مثل القرآن في قلب المؤمن، فالمصباح القرآن، والزجاجة قلب المؤمن، والمشكاة لسانه وفمه، والشجرة المباركة شجرة الوحي {يَكَادُ زَيْتُهَا