قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال 36 رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار 37 ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب 38 والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب 39 أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور 40}
  بالصفات التي يستحقها لذاته، وأفعاله الحسنة الجميلة التي كلها حكمة وصواب، وأن يتبرأ من صفات المحدثين، وعن فعل القبيح، وهذا هو الوجه؛ لأنه الواجب في كل حال دون غيره، والتسبيح قد يكون بالقلب، وقد يكون بالقول.
  ثم بَيَّنَ المُسَبِّحَ، فقال سبحانه: «رِجَالٌ» وإنما خصهم بالذكر؛ لأن النساء لا جمعة عليهن ولا جماعة.
  ثم وصفهم، فقال سبحانه: «لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ» أي: لا يشغلهم ذلك، وخص التجارة بالذكر؛ لأنها معظم أشغال أهل الدنيا، وبها يشتغلون عن الطاعات، وقيل: هي مباحة، فإذا لم يشغلوا عن ذكر اللَّه بالمباحات فبالمعاصي أولى، فكأنه إشارة إلى أنهم لا يعصون.
  ومتى قيل: لِم جمع بين التجارة والبيع؟
  قلنا: التجارة الشراء، فلذلك ضم البيع إليها، عن الواقدي.
  وقيل: التجارة اسم للبيع والشراء، وضم البيع إليه توكيدا.
  وقيل: التجارة ما يجلب، والمبايعة ما يبيع للتجارة بالنقد، والمبايعة بالنَّساء.
  «عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ» أدائها في أوقاتها، «وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ» قيل: إخلاص الطاعة لله تعالى، عن ابن عباس، وقيل: هي الزكاة المفروضة، عن الحسن «يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ» قيل: تتقلب لهيبته وما