التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون 61}

صفحة 5250 - الجزء 7

  المسلمون عن مواكلة الزَّمْنَى والمرضى والعُمْيِ والعُرْج، [وقالوا]: الطعام أفضل الأموال، والأعمى لا يبصر، والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام، والمريض لا يستوفي، فنزلت الآية، عن ابن عباس. وعلى هذا (على) بمعنى (في) أي: ليس في مؤاكلتهم حرج.

  وقيل: نزلت في هَؤُلَاءِ، يعني العمي والعرج والمرضى، وكانوا يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء؛ لأن الناس يتقذرونهم، وكان أهل المدينة لا يخالطونهم في طعامهم، فنزلت الآية، عن سعيد بن جبير، والضحاك، ومقسم.

  وقيل: نزلت في أكلهم مِنْ بيوت من سمى اللَّه؛ لأن قوماً كانوا إذا لم يكن ما يُطِعمونهم حملوهم إلى بيوت هَؤُلَاءِ، فتحرجوا عن أكل طعامهم؛ لأنه أطعمهم غيرُ مالكه، فنزلت الآية رخصة لهم فيمن يحملهم إلى بيوت هَؤُلَاءِ يستبرئهم، عن مجاهد.

  وقيل: نزلت في الأكل من بيوت الغزاة، إذا خلفوهم في منازلهم بإذنهم، وكانوا يخلفون الزمنى والعمي، ويدفعون المفاتيح إليهم، فتحرجوا، فنزلت الآية رخصة، عن الزهري، وسعيد بن جبير.

  واختلفوا في قوله: {أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ}:

  قيل: لما نزل {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}⁣[البقرة: ١٨٨] تحرج قوم عن الأكل في