قوله تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا 1 الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا 2 واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا 3 وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا 4 وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا 5}
  جماعة من المفسرين، وقيل: قام بكل بركة، وجاء بكل بركة، عن ابن عباس، وقيل: جل عن الصاحبة، وقيل: هي كلمة لتنزيهه عما لا يجوز عليه «الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ» يعني القرآن الذي يفرق بين الحق والباطل «عَلَى عَبْدِهِ» يعني محمداً صلى اللَّه عليه وعلى آله «لِلْعَالَمِينَ» المراد به المكلفين «نَذِيرًا» قيل: إنه النبي نذير الخلق، عن ابن زيد، وقيل: أراد الفرقان أنه نذير، والنذير المُخَوِّفُ بالعقاب لمن عصى اللَّه، والأولى أنه النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم لصحة إضافة الإنذار إليه حقيقة، فحمله عليه أولى «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا» أشار إلى أنه ليس بجسم، ولا قادر بقدرة؛ بل هو قادر لذاته، عالم لذاته، حي يقدر على خلق السماوات والأرض، ومن كان بهذه الصفة لا يجوز عليه اتخاذ الولد، وقيل: إنه أشار إلى أنه لا ولد له [يؤول] ملكه إليه «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ» يزاحمه ويمنعه من مراده «وَخلَقَ كُلَّ شَيءٍ» مما يطلق عليه اسم المخلوق «فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا» قيل: تقدير يوافق الحكمة، وقيل: هدى كل شيء لما يصلح له «وَاتَّخَذُوا» يعني عبدة الأوثان «مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لاَ يَخْلُقُونَ شَيئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ»