التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا 1 الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا 2 واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا 3 وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا 4 وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا 5}

صفحة 5268 - الجزء 7

  «وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» يعني كتبهم «اكتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيهِ» تكتب وتقرأ «بُكْرَةً وَأَصِيلاً» قيل: صباحاً ومساءً، وقيل: أراد جميع يومه.

  · الأحكام: يدل قوله: «تبارك» على أن الواجب عند ذكر نعمه تعظيمه بأسمائه الحسنى.

  ويدل قوله: {نَزَّلَ الفُرقَانَ} أن القرآن يفرق بين الحق والباطل، ويمكن أن يعلم المراد به حتى تصح هذه الصفة، فيبطل قول من يقول: لا يُعْرَف مراده، أو لا يُعْرَفُ مراده إلا بقول غيره من إمام أو غيره.

  وتدل على حدثه لجواز الإنزال عليه.

  وتدل على أن الغرض بإنزاله أن يكون نذيرًا ليؤمنوا لا ليكفروا، خلاف قول الْمُجْبِرَة.

  وتدل على أنه رسول اللَّه إلى الخلق كلهم؛ لذلك عم بقوله: «للعالمين» ويعلم ذلك من دينه ضرورة.

  وتدل على نفي الشريك والولد، خلاف قول النصارى، والثنوية، والمجوس.

  ويدل قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} أن القرآن مخلوق؛ لأنه من الأشياء المقدورة.