التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا 11 إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا 12 وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا 13 لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا 14 قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا 15 لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا 16}

صفحة 5276 - الجزء 7

  أَعْدَدْتَ للحَدَثان سا ... بِغَةً وعَدَّاءً عَلَنْدى

  · المعنى: ثم بين تعالى قولهم في الساعة وما أعد لهم بعد بيان قولهم في التوحيد والنبوات، فقال سبحانه: «بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ» قيل: معناه كما كذبوك كذبوا بالساعة، يعني القيامة والبعث، «وَأَعْتَدْنَا» هيأنا «لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا» قيل: ناراً ملتهبة، قال أبو علي |: يحتمل نارًا يعذبون بها في قبورهم، ويحتمل إذا كان يوم القيامة أعتدنا لهم سعيراً، «إِذَا رَأَتْهُم» الحفظة والخزنة، فذكر النار وأراد الخزنة، وقيل: أراد النار تلمع كأنها تراهم، وقيل: معنى رأتهم ظهرت لهم ورأوها، والعرب تقول: «لا تَرَاءَى ناراهما»، أي لا تقارب بينهما، «مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ» قيل: من مسيرة مائة عام، وقيل: من مسيرة خمسمائة عام، وقيل: إنها تحت الأرض، فتظهر فيرونها، «سَمِعُوا لَهَا» أي: سمعوا للنار «تَغَيُّظًا» أي: غلياناً، «وَزَفِيرًا» أصواتاً، وقيل: سمعوا للخزنة تغيظاً وزفيرًا؛ وذلك عدول عن الظاهر بغير موجب، وقيل: رأوا تغيظاً وسمعوا زفيرًا، لأن التغيظ لا يسمع، والزفير لا يرى، قال الشاعر: