التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا 27 ياويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا 28 لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا 29 وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا 30}

صفحة 5293 - الجزء 7

  يَالَيتَنِي اتَّخَذْتُ» في الدنيا «مَعَ الرَّسُولِ» محمد «سَبِيلًا» طريقا، يعني أسلمت فأكون معه على دينه «يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا» كناية عن واحد بعينه، وهو أبي بن خلف الجمحي «خَلِيلًا» صديقاً، وقيل: الخليل الشيطان، عن مجاهد. «لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ» أي: القرآن والرسول، وقيل: هو عبارة عن الجهل والغفلة، «بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي» الذِّكر وقَبِلْتُهُ، «وَكَانَ الشَّيْطَانُ» قيل: هو شيطان الجن، وقيل: هو كل متمرد عاتٍ من الجن والإنس يصد عن سبيل اللَّه «لِلإِنْسَانِ خَذُولاً» يعني عادته الخذلان، أي: يدعو إلى الكفر والضلال، ويزين للإنسان، ثم يتبرأ من الكافر، ويسلمه إلى الهلاك، ولا يغني عنه شيئاً، «وَقَال الرَّسُولُ» قيل: في الدنيا عند كفرهم وضيق صدره، ولذلك عقبه بذكر مسألته، وقيل: يقول يوم القيامة، ويشهد عليهم لما عضوا على أيديهم ندماً عند كفرهم، وعبر بالماضي؛ لتحقيق كونه. «يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا» قيل: قالوا فيه غير الحق، أي: قالوا هجرًا، أي: زعموا أنه سحر، وأنه أساطير الأولين، عن مجاهد، وإبراهيم، وقيل: هجروا القرآن بالإعراض عنه، عن ابن زيد، وعلى هذين القولين المراد بقومي الكفار، وقيل: هذا استدعاء للعذاب عليهم، وذكر أبو مسلم وجهاً ثالثاً وهو أن المراد بالقوم المؤمنون، أي: اتخذوا هذا القرآن