التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا 31 وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا 32 ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا 33 الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا 34 ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا 35 فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا 36 وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما 37 وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا 38 وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا 39 ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا 40}

صفحة 5300 - الجزء 7

  ثم بَيَّنَ حالهم، فقال سبحانه: «الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ» قيل: يسحبون على وجوههم إلى النار «أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا» يعني مكانهم شر مكان، فهم أضل سبيلاً.

  ثم عقب بحديث الأنبياء وأممهم، وعيرهم بقولهم، فقال تعالى «وَلَقَدْ آتَيتَا مُوسَى الْكِتَابَ» يعني التوراة «وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا» أي: معيناً وظهيرًا «فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» عنى بالقوم قوم فرعون، وهم القِبْطُ، وفي الكلام حذف، أي: كذبوهما «فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا» أي: أهلكناهم إهلاكاً، «وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ»؛ لأن تكذيب واحد كتكذيب سائرهم، عن الحسن؛ لأن الطريق واحد، وهو المعجز، «أَغْرَقْنَاهُمْ» بالطوفان فهلكوا، «وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً» أي: عبرة وعظة، «وَأَعْتَدْنَا» هيأنا «لِلظَّالِمِينَ» في الآخرة «عَذَابًا أَلِيمًا» وجيعاً، يعني عذاب النار «وَعَادًا» أي: وأهلكنا عادًا «وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ» البئر، قيل: كانوا أصحاب آبار، عن ابن عباس، وقيل: كانوا أصحاب مواش، ولهم بئر يقعدون عليها، وكانوا يعبدون الأصنام، فبعث اللَّه إليهم شعيباً فكذبوه، فانهار البئر، وانخسف بهم وبديارهم الأرض فهلكوا، عن وهب، وقيل: الرس قرية باليمامة قتلوا نبيهم فأهلكهم اللَّه، عن قتادة، وقيل: بئر رَسُّوا فيها نبيهم أي: ألقوه، عن عكرمة، وقيل: كان نبي له عبد أسود، فكان يحتطب ويبيع، ويأتي بطعام إلى ذلك النبي، فنام نوماً، فلم ينتبه إلا بعد