التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا 51 فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا 52 وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا 53 وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا 54 ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا 55 وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا 56 قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا 57 وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا 58 الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا 59 وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا 60}

صفحة 5317 - الجزء 7

  #، هو ابن عمه، وزوج ابنته فاطمة & ومنه، «وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا» أي: قادرًا على ما يشاء.

  ثم بين أنهم مع هذه الدلائل يعبدون غير اللَّه توبيخاً لهم، فقال سبحانه: «وَيَعْبُدُونَ» يعني المشركين «مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ» قيل: لا ينفعهم إن عبدوه، ولا يضرهم إن تركوه «وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا» قيل: يظاهر الشيطان، أي: يعينه على معصيته، وقيل: يستظهر بالأوثان وعبادتها على رسول اللَّه ÷، فجعل استظهارهم على مغالبة الرسول استظهارًا على اللَّه، عن أبي علي، ونظيره: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ}⁣[الأحزاب: ٥٧] يعني أولياءه، وقيل: «ظهيرًا» أي: هينا كالمطرح يظهر لا يلتفت إليه، فَعِيلٌ بمعنى مفعول، والمعني هَيِّن على اللَّه أن يكفر الكافر، عن أبي مسلم، «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ» يا محمد «إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا» يعني لا تبعة عليك من فعلهم، فإنما أنت مبشر ونذير، قال الحسن: ما بعث اللَّه نبياً قط إلا وهو يبشر الناس إن أطاعوا الله بالسعة في الدنيا، وبالجنة في الآخرة، وينذر الناس إن عصوا بعذاب اللَّه. «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ» فتتركوا الإيمان بعلة، أني أطمع في أموالكم «إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا» قيل: استثناء منقطع معناه: لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بإنفاق ماله في طاعته، وابتغاء مرضاته، وقيل: بل تقديره: أنه جعل آخر دعائه اتخاذ المدعو سبيلاً إلى ربه