التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا 61 وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا 62 وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 63 والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما 64 والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما 65 إنها ساءت مستقرا ومقاما 66}

صفحة 5322 - الجزء 7

  البركات «الَّذِي جَعَلَ» خلق «فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا» قيل: منازل البروج الظاهرة، والبروج اثنا عشر: الحمل، الثور، الجوزاء، السرطان، الأسد، السنبلة، الميزان، العقرب، القوس، الجدي، الدلو، الحوت، وهي منازل السبعة كواكب السيارة، وهي التي ذكرها اللَّه تعالى في قوله: {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}⁣[التكوير: ١٦] وهي: الشمس، والقمر، وزحل، والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد، فالجوزاء والسنبلة بيتا عطارد، والسرطان بيت القمر، والأسد بيت الشمس، والقوس والحوت بيتا المشتري، والجدي والدلو بيتا زحل، وهذه الأشياء لا تعرف إلا بوحي من جهته تعالى، وقيل: البروج القصور العالية، عن إبراهيم، واحدها: برج، ومنه: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}⁣[النساء: ٧٨]، وقيل: هي النجوم، عن مجاهد، وقتادة، وقيل: النجوم الكبار، عن أبي صالح، وقيل: مكان النجوم، عن عطاء، «وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا» أي: شمساً، وسراجاً كواكب؛ لأنه يُهْتَدَى بها كما يهتدى بالسراج «وَقَمَرًا مُنِيرًا» مضيئاً ذا نور «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً» قيل: أحدهما يجيء خلف الآخر متعاقبين في المسير، وفي الضياء والظلام، والزيادة والنقصان، عن ابن زيد، وقيل: خلفاً وعوضاً يقوم أحدهما مقام الآخر، فمن فاته عمل بالليل قضاه بالنهار، ومن فاته بالنهار عمل قضاه بالليل، عن عمر، وابن عباس،