قوله تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا 61 وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا 62 وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 63 والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما 64 والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما 65 إنها ساءت مستقرا ومقاما 66}
  والحسن، وقتادة، وقيل: جعل كل واحد منهما مخالفاً لصاحبه، أحدهما أسود، والآخر أبيض، عن مجاهد. «لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا» قيل: لمن أراد أن يستدل على توحيد اللَّه، وأراد شكر نعمته، وقيل: أراد أن يتذكر بأنهما محدثان؛ لأن أحدهما يبطل الآخر، والقديم لا يجوز عليه البطلان؛ لأن وجوده واجب لذاته.
  ثم بين صفة من تفكر في هذه الدلائل، وآمن بِاللَّهِ تعالى وتوحيده وعدله، فقال سبحانه: «وَعباد الرَّحْمَنِ» نسبهم إلى نفسه تشريفاً؛ لأنهم عرفوه، وعبدوه مخلصين له الدين، وقيل: معناه: مَنْ يعبد الرحمن بعبادته وإن كان جميع الخلق عباده، عن أبي مسلم. «الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا» أي: يمشون بالسكينة والوقار لا أَشَرَ ولا تكبر، عن مجاهد، وقيل: حلماء علماء إن جهل عليهم لا يجهلون، وقيل: أصحاب عفة ووقار، عن محمد بن الحنفية، وقيل: متواضعين لا يستكبرون، عن ابن عباس، وقيل: أتقياء، عن الضحاك. «وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ» بمقالات سيئة صانوا أنفسهم فـ «قَالُوا سَلَامًا» قيل: سداداً من القول يسلم معه دينهم، عن مجاهد، وقيل: سلموا عليهم سلام توديع لا سلام تحية، عن الحسن، وقيل: دعوا اللَّه لهم بالسلامة عن أذاهم، ويطالبون السلامة عن مشاركتهم، عن أبي علي، وقيل: يقولون للسفهاء: نسالمكم ولا نجاهلكم، وقيل: يستدعون منهم السلامة مصدر أقيم مقام الأمر، كقولهم: النجاءَ النجاءَ أي: انجوا، وقيل: ذكروا السلام في أنفسهم، يعني اللَّه تعالى وقالوا: لا نعصيه، ولعل هذا الذنب خلى بيني وبينه، واختلفوا فقيل: هذا قبل آية القتال، نسختها آية القتال، عن أبي العالية، والكلبي،