التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا 61 وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا 62 وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 63 والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما 64 والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما 65 إنها ساءت مستقرا ومقاما 66}

صفحة 5324 - الجزء 7

  وليس بصحيح؛ لأنه لا تنافي بين الآيتين، وقال الحسن: هذا وصف نهارهم.

  ثم وصف ليلهم، فقال سبحانه: «وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا» يعني يُصَلُّون، قال ابن عباس: من صلى بالليل ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجداً وقائماً، قال الكلبي: هما الركعتان بعد المغرب، وأربع بعد العشاء الآخرة، وقيل: يكثرون الصلاة بالليل؛ لأن من صلى ركعتين لا يقال: بات يصلي، وقيل: إذا كانوا مع الناس فهم حلماء، وإذا انفردوا بالليل فهم زهاد، فليلهم خير، ونهارهم خير.

  ثم بين دعاءهم، فقال سبحانه: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا» أي: لازماً لا يفارق، وقال الحسن: قد علموا أن كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم، وقيل: «غراماً» أي: هلاكاً، عن أبي عبيدة، وقيل: غراماً خاليا عن الروح والراحة، عن أبي مسلم، «إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا» أي: ساءت مكاناًلم نجعل ذلك له قرارًا ومكاناً، والمقام بفتح الميم: المجلس، وبضمها: الإقامة، وسماه سوءاً؛ لما فيه من الضرر الشديد.

  · الأحكام: تدل الآيات على إثبات صانع قادر عالم حي قديم حكيم يدبر كل [شَيء ويقدره].

  وتدل على مدح التواضع.

  وتدل على الحث على لزوم طريقة المؤمنين على ما وصفهم في الآية.

  وتدل على الترغيب في صلاة الليل، ولا خلاف أنها نافلة مؤكدة.

  وتدل على الحث على الاستعاذة بالله تعالى والانقطاع إليه.

  وتدل على أن المشي وقول السلام والسجود والقيام والدعاء فِعْلُ العبد، فيصحح قولنا في المخلوق.