التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما 72 والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا 73 والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما 74 أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما 75 خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما 76 قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما 77}

صفحة 5334 - الجزء 7

  بالإمامة لنأتم بهم، عن أبي مسلم، وقيل: إنه مصدر، أي: اجعلنا ممن يأتم بالمتقين، وإنما طلبوا بهذا الألطاف التي بها يصيرون كذلك «أُولَئِكَ» مَنْ تقدم ذكرهم «يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ» الدرجة العالية في الجنة «بِمَا صَبَرُوا» في طاعته وعن معصيته «وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا» أي: يستقبلون بالسلام والتحية، تحية قيل: ثناء حسناً وسلاماً من اللَّه، وقيل: من الملائكة، أي تستقبلهم الملائكة بالتحية والسلام إكراماً، وقيل: التحية: الملك والبقاء في النعم، يبشرون بذلك «خَالِدِينَ» دائمين «فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا» [موضع قرار] وإقامة «قُلْ» يا محمد لهم «مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي» قيل: ما يصنع بكم، وقيل: ما يفعل، عن مجاهد، وابن زيد، وقيل: أَيُّ مقدار لكم، عن أبي عبيدة، من قولهم: ما عبأت به شيئًا، أي: لم أُبالِ به، وقيل: ما يصنع اللَّه بعذابكم، وقيل: خلقتكم وما بي إليكم من حاجة ولا منفعة، «لَوْلاَ دُعَاؤُكم» [لم يخلقكم]، وقيل: دعاؤكم: عبادتكم إياه في الشدة والنعم، وقيل: لولا إيمانكم وتوحيدكم، عن أبي مسلم، وقيل: لولا دعاؤه إياكم إلى طاعته، عن مجاهد، وأبي علي، وقيل: لا يعبأ بعذابكم لولا شرككم، عن ابن الأنباري، وقيل: لولا عبادتكم إياه ودعاؤه إياكم إليها لما خلقكم؛ لأنه خلقكم لطاعته، وهذا أحسن ما قيل فيه، وروي نحوه عن ابن عباس ومجاهد، ونظيره: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}⁣[الذاريات: ٥٦] وقيل: ما يعبأ بمغفرتكم لولا