قوله تعالى: {قال فأت به إن كنت من الصادقين 31 فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين 32 ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين 33 قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم 34 يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون 35 قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين 36 يأتوك بكل سحار عليم 37 فجمع السحرة لميقات يوم معلوم 38 وقيل للناس هل أنتم مجتمعون 39 لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين 40 فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين 41 قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين 42}
  والإرجاء: التأخير، أرجأت الأمر: أخرته، ومنه المرجئة؛ لأنهم قالوا بتأخير حكم الفساق في لزوم العقاب.
  والحشر: الجمع من الجهات، حشر فهو حاشر.
  والمقرب: المُدْنى من مجلس الكرامة، وأصله القرب، قربه تقريباً.
  · الإعراب: «أرجه» إذا همزت فتقديره: أرجعه فلا يجوز كسر الهاء؛ لأنها تكسر لكسر ما قبلها، تقول: برزت به، فإذا انفتح ما قبله أو انضم فلا يجوز الكسر، يقال: هذا غُلامُهُ، رأيت غُلامَهُ، فتضمر هاء الكناية؛ لأن ما قبلها مضموم أو مفتوح، فإذا لم تهمز فيجوز؛ لأن ما قبله وهو الجيم مكسورة، ويجوز كسرها إذا كان ما قبلها لم يهمز بالجر [مثل]: عليه ولديه.
  «يأتوك» جزم؛ لأنها جواب الأمر، تقديره: فابعث يأتوك، وهو بمنزلة الجزاء كأنه قيل: إن تبعث يأتوك.
  «الغالبين» نصب؛ لأنه خبر (كان)، و (هم) صلة، والمعنى: (كانوا الغالبين)، والضمير في (كانوا) اسم (كان).
  · المعنى: ثم بيّن تعالى ما أتى به موسى من المعجزة، فقال سبحانه: «قَالَ» يعني فرعون لموسى «فَأْتِ بِهِ» يعني بالشيء المبين إن كنت صادقاً، قيل: قاله تجربة، وقيل: بل استهزاءً، عن أبي مسلم. وقيل: قال: لا أَسْجِنُكَ إن جئت بما قلت «فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ» حية عظيمة «مُبِينٌ» ظاهر أمره في الحجة والدلالة على النبوة، وذلك لأن فيه دليلاً من وجهين:
  أحدهما: على اللَّه تعالى؛ إذ لا يقدر العباد على مثله.
  وثانيهما: معجزة لموسى حيث كان ذلك عقيب دعوته بحسب إرادته.
  وقيل: غرزت بذنبها ورفعت برأسها إلى السماء نحو الميل، ثم انحطت فجعلت