التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين 192 نزل به الروح الأمين 193 على قلبك لتكون من المنذرين 194 بلسان عربي مبين 195 وإنه لفي زبر الأولين 196 أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل 197 ولو نزلناه على بعض الأعجمين 198 فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين 199 كذلك سلكناه في قلوب المجرمين 200 لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم 201 فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون 202 فيقولوا هل نحن منظرون 203}

صفحة 5388 - الجزء 7

  · النظم: يقال: كيف اتصل ذكر القرآن بما قبله؟

  قلنا: لما اقتص أنباء الرسل بَيَّنَ أن جميع ذلك كلام نزل به جبريل الأمين، وأنه ليس من جهة بَشَرٍ، وليس بسحر ولا كهانة كما يزعمون، عن أبي مسلم.

  وقيل: لما تقدم قولهم للرسل أنهم مسحورون أتبع ذلك بأن هذا القرآن ليس بسحر بل هو كلام رب العالمين.

  وقيل: لما قص خبر الأنبياء اتصل به حديث نبينا ÷.

  · المعنى: ثم بين حديث القرآن، فقال سبحانه: «وَإِنَّهُ» يعني القرآن وما ذكر فيه، عن قتادة وجماعة المفسرين. «لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالمينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمَينُ» قيل: جبريل، عن ابن عباس، والحسن، والضحاك، وابن جريج. وقيل: سمي روحاً؛ لأنه روحاني، وقيل: سمي روحاً؛ لأن الأرواح تحيا به لما نزل من البركات، وقيل: لأنه جسم روحاني رقيق، وقيل: لأن الدين يحيا به، وسمي أميناً؛ لأنه أمين اللَّه على وحيه «عَلَى قَلْبِكَ» يا محمد، وهذا توسع؛ لأنه تعالى يسمعه جبريل فيحفظه وينزل على الرسول ÷ يقرأ عليه فيعيه ويحفظه بقلبه كأنه نزله على قلبه، وقيل: معناه أن الحفظ فعل اللَّه في قلبه وهو المعلم بكيفية القراءة، فكان عينه فيه «لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ» المخوِّفين من عقاب اللَّه تعالى «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» يعني القرآن بلغة العرب نزل، وكل نبي أرسل بلسان قومه ليفهموا عنه «وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ» أي: في كتب الأولين، واختلفوا ما الذي في كتب الأولين، قيل: الدعاء إلى التوحيد والعدل، والاعتراف بالبعث وأقاصيص الأمم الذي نزل به القرآن، وهو مذكور في تلك الكتب على ما نزل به القرآن، وقيل: (إنه) أي: ذكر محمد وصفته في الكتب، عن مقاتل. وقيل: ذكر القرآن والبشارة به وبمحمد ÷ مذكور في الكتب، عن أكثر المفسرين، ولا يقال: إن عين هذا القرآن في الكتب؛ لأنه عربي، ونزل على محمد بخلاف تلك الكتب «أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ» أي: لهَؤُلَاءِ الكفار «آيَةً» أي: دلالة وحجة على نبوته وصحة القرآن وكونه