التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أفبعذابنا يستعجلون 204 أفرأيت إن متعناهم سنين 205 ثم جاءهم ما كانوا يوعدون 206 ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون 207 وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون 208 ذكرى وما كنا ظالمين 209 وما تنزلت به الشياطين 210 وما ينبغي لهم وما يستطيعون 211 إنهم عن السمع لمعزولون 212}

صفحة 5391 - الجزء 7

  فقال: إذا جاز أن يحتج بقول العجاج ورؤبة، فهلا جاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه مع أنا نعلم أنهما لم يَقْرَآ به إلا وقد سمعاه، قال المؤرج: إن كان اشتقاقه من شاط يشيط كان لقراءتهما وجه.

  · اللغة: الاستعجال: طلب الشيء قبل وقته.

  والإمتاع: إحضار ما ينتفع به لمن ينتفع، أمتعه بالمال والولد والرياحين [و] البساتين، وأمتعه بالحديث، وأصله: إحضار النفس ما فيه اللذة بإدراك الحاسة.

  والتذكر: إخطار المعنى للنفس، ذَكَّر يُذَكِّر تذكيرًا وذكرًا وتَذْكِرَةً وذكرى.

  والعزل: تنحية الشيء عن الموضع إلى خلافه وهو إزالته.

  · الإعراب: محل «ذكرى» نصب على المصدر أي: يذكرونهم ذكرى، وقيل: تقديره: جعلنا ذلك ذكرى وعظة، فهو نصب لأنه مفعول، وقيل: محله رفع، أي: تلك ذكرى بعدما قصصنا من إنزال العذاب بالأمم الخالية، وقيل: هذا القرآن ذكرى، وقيل: إنذارنا ذكرى.

  · النزول: قال مقاتل: قال المشركون للنبي ÷: يا محمد إلى متى توعدنا بالعذاب ائتنا بذلك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وقيل: إن بعض الكفار قالوا: إن لمحمد تابعةً من الشياطين يأتيه بالأخبار من السماء ويلقيه على لسانه، فأنزل اللَّه تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ}.

  · المعنى: لما تقدم ذكر العذاب كأنهم استعجلوا ذلك إنكارًا، فقال سبحانه: «أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ» قيل: هو تهديد لهم كقولهم: عليَّ تجترئ أو بي تتعرض؟! عن