قوله تعالى: {فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين 213 وأنذر عشيرتك الأقربين 214 واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين 215 فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون 216 وتوكل على العزيز الرحيم 217 الذي يراك حين تقوم 218 وتقلبك في الساجدين 219 إنه هو السميع العليم 220}
  «فَتَكُونَ» نصب لأنه جواب النهي بالفاء وهو قوله: «فَلَا تَدْعُ» فَتَكُونَ.
  نصب «وَتَقَلُّبَكَ» على تقدير: يرى تقلبك.
  · النزول: روى أبو هريرة قال: لما نزل قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} جمع رسول الله ÷ قومه فقال: «يا معشر قريش، يا بني عبد مناف ...»، وروى ابن عباس أنه قال: «يا صفية، يا فاطمة، اشتروا من اللَّه أنفسكم فإني لا أغني عنكم من اللَّه شيئاً، سَلُوني [مِنْ مالي] ما شِئْتُمْ».
  وعن البراء بن عازب: لما نزل قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ} جمع بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلاً، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العُسَّ، فأمر علياً فأتى بِرِجْلِ شاة، ثم قال: «ادنوا ببسم اللَّه» فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا وشبعوا، ثم دعا بقعب من لبن فشرب منه، ثم قال: «اشربوا ببسم اللَّه»، فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب وقال: هذا ما سحركم به الرجل. فسكت يومئذ ولم يتكلم، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم أنذرهم ودعاهم إلى الإيمان، وقال: «من يؤازرني ويؤاخيني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي» فسكت القوم، فأعادها ثلاثاً والقوم سكوت، وعَلِيٌّ يقول كل مرة: أنا، فقال في المرة الثالثة: «أنت»، فقاموا يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمَّرَهُ عليك.
  وعن ابن عباس: لما نزلت هذه الآية صعد النبي ÷ الصفا ونادى فاستمع إليه الناس، فقال: «يا بني فهر، لو أخبرتكم أن خيلاً طرقكم يريد أن تغيركم هل تصدقوني»؟ قالوا: نعم، قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، قال أبو لهب: تباً لك ألهذا دعوتنا، فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد: ١].
  · المعنى: لما تقدم ذكر الأنبياء تسلية له وما نال الكفار من العذاب أمره بالإنذار وأنه ليس عليه إلا ذلك، فقال سبحانه: «فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ» الخطاب له والمراد غيره،