قوله تعالى: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون 171}
  · اللغة: نَعَقَ الراعي بالغنم يَنْعِقُ: إذا صاح بها، ونعق الغراب: إذا صوت.
  والنداء والدعاء نظيران، يقال: ناداه أو دعاه بأرفع صوته كقولك: يا زيد.
  والدعاء: طلب الفعل من المدعو، ونظيره الأمر، والفرق بينهما يظهر بالرتبة، فالأمر هو قول القائل لمن دونه: افعل، والدعاء لمن فوقه.
  والصمم والبكم والعمى آفات تمنع الإدراك بهذه الحواس.
  · الإعراب: «صُمٌّ» رفع على الاستئناف، أي هم صم، وأجاز الفراء النصب في العربية على الذم.
  · النزول: عن عطاء أنها نزلت في اليهود.
  · المعنى: لما تقدم ذكر الكفار وأنهم دُعُوا إلى الإسلام فلم يجيبوا، وركنوا إلى التقليد ضرب لهم مثلاً، فقال تعالى: «وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا» قيل: صفتهم، وقيل: شبههم «كمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ» يصوت «بِمَا لاَ يَسمعُ» من البهائم «إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً» يعني صياحًا من دون معرفة معناه، واختلفوا في تقدير الكلام، وتأويل الآية على وجوه أربعة:
  الأول: مثل الَّذِينَ كفروا في دعائك إياهم كمثل الناعق في دعائه المنعوقَ به من البهائم التي لا تفهم كالإبل والبقر والغنم، فحذف لدلالة الكلام عليه، والحذف في مثله حسن كقولهم: إنهم كالحمار أي في سوء الفهم وعدم الفهم وكالأسد في القوة، وهذا أحسن في البيان، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع، وهو معنى قول أبي علي.
  الثاني: مثل الَّذِينَ كفروا في دعائهم آلهتهم من الأوثان كمثل الناعق في دعائه ما